سورة الأنعام - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور} وخلق اللَّيل والنَّهار {ثمًّ الذين كفروا} بعد قيام الدَّليل على وحدانيَّته بما ذكر من خلقه {بربهم يعدلون} الحجارةَ والأصنام فيعبدونها معه.
{هو الذي خلقكم من طين} يعني: آدم أبا البشر {ثمَّ قضى أجلاً} يعني: أجل الحياة إلى الموت {وأجل مسمى عنده} من الممات إلى البعث {ثم أنتم} أيُّها المشركون بعد هذا {تمترون} تشكُّون وتكذِّبون بالبعث. يريد: إنَّ الذي ابتدأ الخلق قادرٌ على إعادته.
{وهو الله} أَي: المعبود المعظَّم المتفرِّد بالتَّدبير {في السموات وفي الأرض}.
{وما تأتيهم من آية من آيات ربهم} الدَّالَّة على وحدانيَّته، كما ذكر من خلق آدم، وخلق اللَّيل والنَّهار {إلاَّ كانوا عنها معرضين} تاركين التًّفكُّر فيها.


{فقد كذبوا} يعني: مشركي أهل مكة {بالحق لما جاءهم} يعني: القرآن {فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون} أَيْ: أخبار استهزائهم وجزاؤه.
{ألم يروا} يعني: هؤلاء الكفَّار {كم أهلكنا من قبلهم من قرن} من جيلٍ وأمَّةٍ {مكنَّاهم في الأرض ما لم نمكِّن لكم} أعطيناهم من المال والعبيد والأنعام ما لم نُعطكم {وأرسلنا السماء} المطر {عليهم مدراراً} كثير الدَّرِّ، وهو إقباله ونزوله بكثرة {فأهلكناهم بذنوبهم} بكفرهم {وأنشأنا} أوجدنا {من بعدهم قرناً آخرين} وهذا احتجاجٌ على منكري البعث.
{ولو نزلنا عليك...} الآية. قال مشركو مكَّة: لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من السَّماء جملةً واحدةً مُعانيةً، فقال الله: {ولو نزلنا عليك كتاباً} أَيْ: مكتوباً {في قرطاس} يعني: الصَّحيفة {فلمسوه بأيديهم} فعاينوا ذلك مُعاينةً، ومسُّوه بأيديهم {لقال الذين كفروا إن هذا إلاَّ سحر مبين} أخبر الله تعالى أنَّهم يدفعون الدَّليل حتى لو رأوا الكتاب ينزل من السَّماء لقالوا: سحر.
{وقالوا لولا أنزل عليه ملك} طلبوا ملكاً يرونه يشهد له بالرِّسالة، فقال الله عزَّ وجلَّ: {ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر} لأُهلكوا بعذاب الاستئصال، كسُنَّة مَنْ قبلهم ممَّن طلبوا الآيات فلم يؤمنوا {ثم لا ينظرون} لا يُمهلون لتوبةٍ ولا لغير ذلك.


{ولو جعلناه ملكاً} أيْ: ولو جعلنا الرَّسول الذي ينزل عليهم ليشهدوا له بالرِّسالة مَلَكاً كما يطلبون {لجعلناه رجلاً} لأنَّهم لا يستطيعون أن يروا المَلَك في صورته، لأنَّ أعين الخلق تحار عن رؤية الملائكة، ولذلك كان جبريل عليه السَّلام يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبيِّ {وللبسنا عليهم ما يلبسون} ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم حتى يشكُّوا فلا يدروا أمَلَكٌ هو أم آدميٌّ، أَيْ: فإنَّما طلبوا حال لبسٍ لا حال بيانٍ، ثمَّ عزَّى الله نبيَّه عليه السَّلام بقوله: {ولقد استهزئ برسل من قبلك} وكُذِّبوا ونُسبوا إلى السّحر {فحاق} فحلَّ ونزل {بالذين سخروا} من الرُّسل {ما كانوا به يستهزئون} من العذاب وينكرون وقوعه.
{قل} لهم يا محمَّدُ: {سيروا في الأرض} سافروا في الأرض {ثم انظروا} فاعتبروا {كيف كان عاقبة} مُكذِّبي الرُّسل: يعني: إذا سافروا رأوا آثار الأمم الخالية المهلكة، يحذِّرهم مثلَ ما وقع بهم.
{قل لمن ما في السموات والأرض} فإن أجابوك وإلاَّ {قل لله كتب على نفسه الرحمة} أوجب على نفسه الرَّحمة، وهذا تلطُّفٌ في الاستدعاء إلى الإنابة {ليجمعنَّكم} أَيْ: والله ليجمعنَّكم {إلى يوم القيامة} أَيْ: ليضمنَّكم إلى هذا اليوم الذي أنكرتموه، وليجمعنَّ بينكم وبينه، ثمَّ ابتدأ فقال: {الذين خسروا أنفسهم} أهلكوها بالشِّرك {فهم لا يؤمنون}.
{وله ما سكن في الليل والنهار} أَيْ: ما حلَّ فيهما، واشتملا عليه. يعني: جميع المخلوقات.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8